" قطرات من الدم على جبيني "

لم أعد أشعر بشيء .. مجرد صمت وفراغ بداخلي .. حتى دموعي صارت تتجمد في عيني .. حتى البكاء صار لا يطفيء مرارتي .. أستيقظ كل ليلة وكأن حياتي هي نهاية معركة حرب .. لكني لا أنتصر أبداً .. هذه حالي أنا منذ فقدتك .. أو ربما لم أعد أنا .. فمن أنا وأنا أحيا بدونك .. وأنا أتنفس الهواء .. وأنت تحت التراب .. أمي .. أمي .. خذيني معك

أقفلت شهد ذات الثمانية عشر ربيعاً دفتر مذكراتها وأخذت تتأمل في النافذة المربعة أمامها .. ولكنها كانت تنظر في مكان آخر .. لوقت سابق .. وتقلبت الدموع في مقلتيها .. لكنها لم تنحدر .. كانت ترى ومضات من تلك اللحظة المشؤومة .. من لحظة الفراق .. منذ ثلاثة عشر سنة

شهد: أمي إلى أين نحن ذاهبون ؟

أم شهد : سوف نخرج قليلاً لنرى أباك ماذا يريد موافقة ؟

شهد : أجل .. فقد اشتقت إليه

نظرت أم شهد إلى إبنتها بحنان وحزن وحملتها إلى الخارج وإذا أبو شهد ينتظر " مالذي أخرك "

أم شهد : ماذا تريد .. مالذي أرجعك إلينا ؟

أبو شهد : تعلمين ما أرجعني .. هذه التي تحملينها فلست أهلاً لتربيتها

أم شهد : لست أهلاً .. ومن رباها طول هذه السنين منذ خمس سنين .. منذ أن رأت نور الدنيا أنت اختفيت من حياتها إلى أين لا أحد يعلم

شهد ألصقت رأسها بخوف في صدر أمها " أمي هل هذا أبي .. أنا خائفة "

أم شهد : لا بأس ياصغيرتي .. كل شيء بخير فأنا بقربك

أبو شهد : لقد تحدثت معك بالأمس ولقد أوضحت كلامي جيداً

أم شهد : وأنا كذلك .. والطفلة أنا ربيتها منذ صغرها فكيف تريد أن تفصلها عني الآن ألا تخاف الله ؟

شهد : لا أريد أن أترك أمي

أبو شهد : سنرى !

ووسط زحام الناس حاول أبو شهد أن يسرقها من حضن أمها مما دفع الإثنتين للصراخ وتمسكت أم شهد بإبنتها بقوة .. وفي لحظات لم يسمع إلا دوي في الأرجاء أوقف الوقت والناس من حولهم ماعدا أم شهد وشهد .. سقطت شهد أرض من أحضان والدتها وتساقطت قطرات من الدم فوق جبين شهد وهي تنظرمن على الأرض برعب لوالدتها .. ثم هوت أم شهد أرضاً صريعة .. وولى أبو شهد بالفرار بعد أن أطلق النار على رأس زوجته السابقة .. وأخذت شهد تحدث والدتها بينما الناس تنظر بوجوه مدهوشة " أمي .. أمي .. لقد ذهب .. هيا انهضي .. أمي هناك قطرات من الدم على جبيني .. امسحيها .. إنها تضايقني " أمسكت شهد بكف أمها ووضعتها على جبينها تمسح الدم بيد أمها

أفاقت شهد من شرودها وأخذت تصرخ " أمي .. أمي .. هناك قطرات من الدم على جبيني أمسحيها .. أمي أرجوك .. امسحيها " .. ودخلت بسرعة إلى غرفة شهد امرأة في الثلاثينات من العمر.. وضمت شهد إلى صدرها " لا بأس ياصغيرتي فأنا هنا من أجلك لا تخافي " .. وأخرجت من جيبها حقنة .. وهمت أن تحقت شهد بها

شهد : كلا يا خالة .. لا أريدها

رجاء: لابأس ياصغيرتي .. سوف تحسن حالك

شهد : تعلمين ياخالة مالذي سيحسن حالتي .. أن تخبريني

رجاء : عندما يحين الوقت أعدك سأخبرك كل شيء .. والآن دعيني أعطيك العلاج

أدرات شهد وجهها للنافذة بحزن عميق يفتت روحها بعد أن مددتها خالتها رجاء على السرير .. وبعد أن حقنتها خالتها رجاء .. نامت شهد كما لو كانت طفلة من جديد في الخامسة ..

[size=12]يتبع ,,[/size]

" هو خطأي إذا "

فتحت عيناها بتثاقل شديد في الساعة السادسة والنصف .. ثم نهضت بسرعة من على سريرها ونظرت من نافذتها

شهد : يا إلهي !

خرجت مسرعة تجري من غرفتها حتى كادت تتعثر إثر تشابك غطاء فراشها في قدميها ونزلت إلى المطبخ لتجد خالتها رجاء جالسة بهدوء تحتسي كوبا من الشاي قرب الطاولة

رجاء: صباح الخير

شهد : خالتي لما لم توقظيني

رجاء: علمت انك ستستيقظين في هذا الوقت كالعادة .. كما أنك لم تتأخر بعد

شهد : يجب أن أسرع ستأتي فرح عند السابعة لتقلني مع شقيقها

رجاء: إذا لاتضيعي الوقت بالنحيب

أخذت شهد كوب الشاي من يد خالتها وصعدت إلى غرفتها .. وبعد نصف ساعة بالتحديد نزلت مباشرة إلى باب البيت

شهد: خالتي أنا ذاهبة

رجاء : لكن فرح لم تأتي بعد

شهد: لقد رأيت السيارة من نافذة غرفتي

رجاء : انتبهي لنفسك

لكن رد عليها صوت انغلاق الباب سريعا .. توجهت شهد إلى سيارة أحمد شقيق فرح وفتحت الباب لكنه لم يفتح وظلت تحاول فتحه بسرعة إلى أن أشار لها أحمد أن تنتظر .. أطرقت شهد وجهها إلى الأرض ثم فتحت الباب

شهد : السلام عليكم

أحمد وفرح: عليكم السلام

فرح : كل هذا عجله ..

أحمد : لو تركتها قليلا كسرت الباب

شهد : لكنه لم يكن يفتح

أحمد : لقد كنت تفتحين الباب في نفس الوقت الذي كنت أنا أفتح القفل

شهد : إذا هو خطأك

أحمد: خطأي!

فرح : إذا قالت شهد خطأك فهو خطأك

نظر أحمد من مرآة السيارة الأمامية التي كانت تعكي عينا شهد فأطرقت شهد نظرها تنظر من خلال النافذة خجلا

أحمد : حسناً .. هو خطأي إذا .. ها قد وصلنا .. متى آتي لأخذكم

فرح : سأكلمك عندما ننتهي .. ربما في الثانية عشر .. فاليوم هو أول يوم ولا أظن أنه سيطول

أحمد : لكن انتبهوا حين آتي إذا فتحتم أبواب السيارة كي لايكون الخطأ خطأي

نظرت شهد إلى فرح وأشارت لها أن يدخلوا إلى المدرسة .. لدخول المدرسة كان لا بد من أن يمر الداخل بغرفة الحارس

فرح : كيف الحال ياعم صالح .. أرى أن عكازك لازالت تحتمل ثقلك

صالح : وستحتمله إلى أن آخذها إلى القبر

شهد : بعد عمر طويل .. حتى يتضاعف وزنك وتغير العكاز

كان صالح في الخمسين من عمره.. و يتعامل مع جميع الفتيات وكأنهن بنات له .. لذا كانت أغلب الفتيات يستلطفنه ويثقن به.. دخلت شهد وفرح إلى المدرسة وبسرعة وقفن في " طابور الصباح " الذي ابتدأ للتو

فرح : أخيراً هذه آخر سنة نقف في هذا الطابور

شهد : أنتظر تلك الساعة بفارغ الصبر

يتبع ,,

" عبرات في عينيك وابتسامة على شفتيك "

في الفصل جلست شهد بجانب فرح ثم نظرت فرح للأمام وأشارت " أنظري إنها رؤى"

شهد : ماذا!! تمزحين مؤكد

فرح : أنظري بنفسك

شهد: لا لاأصدق .. هذه السنة أيضا

انتبهت رؤى لشهد حين نظرت إليها ثم أتت إليها " أهلا شهد "

شهد : أهلا رؤى

رؤى: أرى أنك كبرت بعد هذا الصيف

شهد : ربما تحتاجين لأن تخلعي عدساتك وترتدي النظارة .. يأ ربع عيون .. لكي تري جيدا كم كبرت

رؤى : وقحة

فرح : أنتبهي لألفاظك أنت

رؤى : أرى أنك لازلت معها أيضا

شهد : جيد أنك ترين

فرح : أعتقد أنك مدينة لشهد باعتذار من قبل الصيف

رؤى: أنا لست مدينة لأحد باعتذار .. وخصوصا للطلابة المعقدة الوصولية التي تسرق أضواء التفوق مني كل سنة

فرح : حسنا إلى هنا وكفى

نهضت فرح لتواجه رؤى لكن دخلت معلمة الفصل مما جعل الفتيات يرتدعن عما كن سيفعلنه

فرح : نلتقي لاحقا

رؤى : سنرى

شهد : لما أردت أن تتعارك معها ..

فرح: هذا ما استحقته

عاد خالد زوج رجاء من العمل صباحا إذ كان يعمل طبيبا بدوام ليلي .. دخل إلى المطبخ ليرى رجاء جالسة قرب الطاولة وتضع يدها على خدها وارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة وفي عينيها دموع

وضع خالد يده على كتف رجاء ليوقظها من شرودها " أين وصلت ؟"

رجاء : أهلا .. لم أحسك وأنت تدخل

خالد : ماهذا الشرود .. لو تري وجهك .. اختلطت مشاعر الدنيا كلها فيه .. عبرات في عينيك وابتسامة على شفتيك

رجاء: كنت أفكر في شهد

خالد : شهد .. ومابالها .. أهي بخير .. بالمناسبة هل ذهبت إلى المدرسة

رجاء : أجل إنها بخير وغادرت .. كنت مبتسمة لأني كنت افكر كيف أن الله حرمنا الأولاد وعوضنا بشهد .. بالنسبة لي هي تعوضني عن كل أولاد العالم .. لكن .. لكن بالأمس عاودتها حالت الخوف التي تأتيها .. وقد سألتني أن أخبرها

خالد : حقاً .. وما رأيك هل ستخبرينها

رجاء : لا أعرف إني محتارة تماما كقطعة خشب في عرض البحر .. فمن ناحية مجرد فتح الموضوع يهيج آلامنا جميعا ويؤذي شهد .. ومن ناحية أخرى أرى أنه من حقها أن تعرف ولا أعرف كيف سأخبرها

خالد: افعلي ماترينه صحيحا .. وهل تحسنت حالها ؟

رجاء: بعد أن أعطيتها الحقنة نعم واستيقظت صباحاً وكأن شيئاً لم يكن

كانت شهد وفرح تقفان قرب حجرة الحارس صالح بانتظار أحمد أن يأتي ومن بين زحام السيارات شاهدت فرح سيارة أحمد " شهد هناك هيا لنذهب " أسرعت شهد وفرح نحو السيارة " نراك في الغد عم صالح " أشار صالح برأسه مودعا لهما وركبتا السيارة سريعاً

أحمد : ماذا فعلتم ؟

فرح : لاشيء .. كالمعتاد فقط مشاحنة مع رؤى حامد

أحمد: رؤى من جديد معكم في نفس الصف

شهد: أجل .. لكن فرح كادت أن تعلمها كيف تتحدث معنا بأدب

استدارت فرح إذ كانت تركب أماماً وضحكت" لكن أنقذتها المعلمة "

أحمد: أرى أن تتفادوها فعائلتها لها تاريخ حافل في إثارة المشاكل مع الناس

شهد: هي من تبدأ
فرح: نعم هي من تبدأ

أحمد : هاقد وصلنا ..

شهد : حسنا .. أراكم غدا

فرح : سأكلمك عصرا

شهد : حسناً

وقبل أن تفتح شهد الباب ابتسم أحمد بمكر " لحظة " .. رفعت شهد يدها عن الباب

أحمد : سأفتح القفل قبل أن يصبح خطأي

ابتسمت شهد بخجل وترجلت من السيارة

يتبع ,,,

" الآن سأعود لك "

ضغطت شهد على الجرس مطولا حتى حصلت على إجابة من خلف الباب من خالتها .. دخلت شهد وقد احمرت وجنتاها من شدة الحر " هذا اليوم الحرارة غير طبيعية "

رجاء : خذي اشربي الماء

مدت شهد يدها وشربت الماء في جرعة ثم وضعت يدها على جبينها إثر الألم الذي يأتي من شرب المشروبات الباردة سريعا " شكرا .. هذا منعش ياخالتي "

رجاء: كيف كان يومك الأول ؟

شهد : رائع .. لكن كالمعتاد

رجاء : عراك مع رؤى حامد

شهد : حتى أنت بت تعرفين .. لا أدري ما قصة غيرتها .. إنها غيورة حتى الموت

رجاء : فقط تحاشيها

شهد : صدقي ياخالة أنا أفعل كما أني في أعماق قلبي أشفق عليها

رجاء : حسنا .. أصعدي وغيري ملابسك لتتناولي الغذاء

شهد : في الحال .. جل ما أريده الآن هو الطعام ثم النوم

وفي طريقها لغرفتها صدافت خالد زوج خالتها " كيف حالك عمي خالد "

خالد : بخير .. كيف كان يومك الأول ؟

شهد : رائع .. ماعدا المعتاد .. مشاحنة مع رؤى حامد .. حسنا أراك على الغذاء عمي

خالد : أراك ياصغيرتي

نهضت شهد بعد أن أنهت غذاءها مسرعة إلى الغرفة وغطت وألقت بنفسها على فراشها ونامت حتى بعد العشاء

***

كان صالح حارس المدرسة يضع أمامه عشاء مكونا من خبزاُ وحليباً في كأس شفاف يتصاعد منه بخار الحرارة وبينما كان يهم في شرب أول رشفة سمع طرقاً خافتا على باب البيت ..

صالح : من هناك ؟

وعندما لم يسمع جواباً قام ووقف خلف الباب " من هناك ؟ "

الصوت : هل هذه الثانوية الأولى ؟

صالح : نعم .. وما تريد؟

الصوت : لقد جلبت ملف ابنتي للتسجيل ولا أستطيع الحضور صباحاً ولا إبنتي أيضاً فأردت أن أعطيه إلى الحارس ليسلمه للإدارة .. أولست الحارس؟

صالح : بلى

الصوت : إذاً خذ الملف

وما إن فتح صالح الباب اندفع الشخص بالخارج فوقه مثل قوة هائجة مجهولة ودفعه على الأرض ثم وقع فوقعه يطعنه مراراً ومراراً حتى تركه كثوب أحمر ممزق من كل جهه " الآن .. الآن سأعود لك "

استيقظت شهد على صوت هاتفها الذي كان يرن وينقطع ويعاود الرنين مرة أخرى منذ عشر دقائق " ألوو .. أجل لا زلت نائمة "

فرح : لقد كنت اتصل لك منذ العصر وأخبرتني خالتك أنت نائمة فاتصلت على المحمول

شهد : تعرفين أني أنام هكذاا في اليوم الدراسي الأول

فرح : ألم تسمعي ؟

شهد : ماذا أسمع ؟

فرح : صوت سيارات الشرطة منذ قليل

شهد : هه .. كالعادة البقالة بجوار بيتنا سرقت ولاذ الفاعل بالفرار

فرح : ههه .. أردت أن أخبرك إذا كنتي تريدين الذهاب معي للمكتبة لشراء بعض الحاجيات

شهد : حقا أنا أيضاً أريد أن أذهب .. سأكلمك بعد أن أغتسل

فرح : أنتظرك

نزلت شهد إلى الطابق الأسفل لترى خالتها مع زوجها في الصالة أمام التلفزيون " خالتي أنا ذاهبة مع فرح إلى المكتبة "

رجاء : الآن .. بعد أن تأخر الوقت !

شهد : سنذهب للمكتبة القريبة من البيت

خالد : لا بأس دعيها تذهب فاليوم هو اليوم الدراسي الأول والمكتبة ستكون مزدحمة .. هل تملكين المال ياصغيرتي ؟

شهد : نعم .. لكن لامانع من أن تضيف عليه

خالد : خذي .. لكن عودي مباشرة بعد أن تنتهوا
شهد : حسناً

خرجت شهد من البيت الخارجي وإذا بها ترى سيارة قديمة ذات طلاء أبيض صدئ ومهترئ وبها شخص يضع لفافاً حول وجهه ولا يرى سوى عينيه وينظر بحدة إلى منازل المنطقة وعندما رأى شهد توسعت عيناه ومشى سريعاً بالسيارة

شهد : من هذا الشخص المريب سأسرع بالذهاب إلى فرح

يتبع,,

" لا زلت تملكيني "

هي ذكرى وحيدة غطت على كل الذكريات معك .. وهو جفن من دم أقفل عيني على كل اللحظات التي عشتها معك .. لم تبقى سوى اللحظة التي رحلت عني فيها .. لحظة ولادة كل ألامي ومعانتي .. أمي .. اليوم هو أول يوم لي من آخر سنة دراسية .. سأحقق حلمي .. لا بل حلمك كما لو كنت على وجه الحياة .. لازلت أفتقدك مع أني لازلت أحسك .. وأشعرك في شراييني .. وفي كل نبضة قلب .. تصبحين على خير

أغلقت شهد دفتر مذكراتها ونظرت بعمق لنافذتها التي تطل على حديقة المنزل .. في نفس الوقت دخلت خالتها رجاء ووقفت خلفها واضعة يداها على كتفي شهد

رجاء: مابال صغيريتي ؟ ماذا يشغل هذا الرأس الجميل

شهد: لا شيء .. فقط أنهيت كتابت رسالة لأمي للتو

رجاء: حقاً .. لا تتخلي عن ذكراها ياصغيرتي .. لكن لاتدعيها تحزنك

شهد : بالطبع لن أنساها.. خالتي

رجاء: نعم

شهد: متى ستجيبي على سؤالي ؟ لماذا كل هذا الغموض والتعتيم ؟

رجاء: ليس تعتيما ياصغيريتي لكن..

شهد: لكن .. ماذا !!

رجاء : لكني لا أريد أن أخبرك ويأثر عليك هذا الشيء سلباً .. خصوصاً وأنت في هذه الفترة الدراسية الحساسة.. ألست محقة؟

شهد: لكنك تعديني كل سنة أن تخبريني .. ثم تأجلين للتي بعدها .. وها أنا كبرت ولا أعرف من أطلق النار على أمي .. ولماذا ؟ وأين أبي ؟ ولماذا هو مختفي كل هذا السنين؟ ألا يعلم أن له ابنه ؟ أم هو مات الآخر..لا أذكر سوى تلك اللحظة التي انطلقت من الرصاصة وأنهت كل شيء .. كل شيء

نزلت دمعة تصرخ من الألم وتعلن الإحتجاج على خد شهد فمسحتها خالتها وأمسكت بوجهها بكلتا يديها

رجاء: صغيريتي أعدك .. وها أنا أنظر في عينيك مباشرة حين تنتهي هذه السنة سأخبرك كل شيء .. وكل شيء ياصغيرتي لم يذهب .. لازلت تملكينني .. وأنا كلي لك

رمت شهد بنفسها في حضن خالتها وأخذت تنحب في البكاء إلى أن هدأت ونظرت باابتسامة صغيرة إلى خالتها " حسناً سأكون بخير يخالتي .. وأعلم أنك ستخبريني حين يحين الوقت "

رجاء : أعدك .. حسناً لم تريني ما اشتريت من المكتبة

شهد : ههه .. خالتي لم أعد صغيرة .. لكن المعتاد .. حقاً بالمناسبة !!

رجاء: ماذا؟

شهد: لقد رأيت رجلا مريباً يحدق في المنازل حين خرجت للمكتبة وما إن رآني هرب

رجاء: حقاً .. هل رأيت وجهه؟

شهد : كلا .. كان متلثماً وما إن رآني لاذ بالفرار بسيارته

رجاء : فعلاً مريب .. ربما يكون أحد اللصوص يرصد أحد البيوت .

شهد : أجل السرقات باتت منتشرة في الآونة الأخيرة .. ولا أحد يحرك ساكناً

رجاء: فقط خذي حذرك في المرات الآتية ولا تخرجي إلا حين تكون فرح معك .. والآن سأذهب هل تريدين شيء قبل أن أنام

شهد : لا .. شكرا

رجاء: حسناً تصبحين على خير ولا تطيلي السهر

***

في صباح اليوم الثاني كان هناك تجمع كبير من الفتيات عند بوابت المدرسة أخذت شهد وفرح تنظران من نافذة السيارة بتعجب

شهد : ماذا يحدث .. لماذا هذا التجمع في الخارج ؟

أحمد: ربما سيقيمون طابور الصباح لكم في الخارج .. مثل مدارسنا سابقاً

فرح : أتمنى أن تكون تعرضت المدرسة لحريق .. كي نحظى بشهر إجازة .. بالمناسبة لقد سمعت سيارات الشرطة بالأمس ربما نشب حريق فعلا

شهد: ونتأخر على التخرج .. ذكية فعلا.. انظروا إنها رؤى

فرح : إذا كان هناك حريق فهو نتيجة لرؤية وجهها من الصباح

شهد : انظروا لقد رأتنا

فرح: يالوقاحتها .. انظري كيف تحدق بنا ألا تخجل .. تعلمون ماذا سأنزل وأعلمها الأدب

فجأة سمع صوت إقفال أبواب السيارة " ماذا تنوين أن تعملي أيتها المجنونة .. اجلسي في مكانك ولا تهتمي لها "

فرح: لكن يأحمد يجب أن تعرف حدودها

مرت رؤى من أمام السيارة وابتسمت ابتسامة مكر باردة

شهد : الكريهه .. تباً

فرح: أرأيت كيف تبتسم .. ماذا تظن نفسها .. لو تصبح في يدي فقط.. انظروا إنها تغادر

أحمد: تجاهليها فقط .. هذا ماتريد فعله إغاظتك فقط

شهد: فعلا تغادر .. لماذا تغادر .. إنها لا تغيب ولو كانت مصابة بأسوأ الأمراض المعدية

فرح: يبدو أن العم صالح لازال يغط في النوم ونسي فتح باب المدرسة

أحمد: إنه كبير في السن يجب أن يوظفوا أحداً بدلاً منه

شهد: لا تقل ذلك إنه فعلا طيب .. كجد لنا .. حسناً أنت يا " أم الحرائق " ألن ننزل

فرح : لا

شهد: لماذا!

فرح : الجو حار .. وأفضل الإنتظار في السيارة .. وكما ترين الباب لايزال مقفلا فلماذا النزول والإنتظار في الحر

أحمد: ماذا تنتظرين .. خذي حقيبتك وانزلي .. عندي عمل يجب أن أذهب

فرح : وماذا لو أنه ليس هناك دوام اليوم

شهد: إنها عنيدة أحمد أنزل وانظر مالموضوع

فرح: أجل .. والآن عندما طلبات الجهات العليا منك ذلك لن تستطيع الرفض

أحمد : حمقاء .. حسناً سأرى

نزل أحمد .. وعاد في وقت قصير ووجه متغير

فرح : ماذا حدث ؟

شهد: يبدو وجهك متغير

أحمد : بالفعل ليس هناك دوام

فرح : ألم أخبركم لقد نشب حريق

أحمد: بل أسوأ

شهد: ماذا!!

فرح: أخبرنا

أحمد : جريمة قتل

فرح وشهد : قتل!!

أحمد: لقد كانت غرفة الحارس محاطة بأشرطة الجرائم الصفراء .. وعندما سألت أخبروني أن حارس المدرسة تعرض للقتل

شهد : تقصد العم صالح

فرح : ماذا العم صالح

أحمد : أفضل ان نغادر المكان لأذهب إلى العمل

شهد : لكن .. لكن .. لانستطيع الذهاب .. إنه العم صالح .. هل هو بخير ؟

فرح : أجل هل هو بخير ؟

أحمد : لقد فارق الحياة .

يتبع,,

" وقفة ألم "

توقفت سياة أحمد بسرعة أمام منزل شهد ولو أن أحمد لم يتكلم معلناً وصولهم لبقيت شهد في شرودها " من قد يفكر حتى في إيذاء رجل طيب مسن مثل العم صالح "

فرح : شهد ألن تنزلي

نظرت شهد بذهول " ماذا .. بلى .. أجل "

أحمد: هل تريدين شيئا قبل أن نذهب

شهد : لا .. أنا بخير

فرح: أنا سأنزل مع شهد .. مر علي عندما تعود من عملك

شهد : أنا فعلا بخير لاداعي

فرح : وأنا كذلك لاداعي أن أعود البيت من هذه الساعة .. فلن أتمكن من النوم ولا يوجد من أجلس معه.. لاتنسى أن تمرني

أحمد: حسناً

دخلت شهد وفرح من باب المطبخ بينما كانت رجاء تتحدث على التلفون فأنهت المكالمة سريعاً " أهلاً ماجاء بكم في هذا الوقت المبكر ؟ ولماذا وجهكم مصفرة ؟ مؤكد تعاركتم مع رؤى وأرسلوكم إلى البيت مثل السنة الماضية "

جلست شهد على طاولة المطبخ بجمود بينما وقفت فرح متحيرة ماتقول " لقد .. لقد .. لقد قتل "

رجاء : ماذا .. ماذا تقولين من قتل ؟

فرح : الحارس

شهد : العم صالح حارس المدرسة

رجاء: صالح تقصدان العجوز

فرح: أجل .. لذلك سمعنا صوت سيارات الشرطة بالأمس .. لم يكن سرقة بالبقالة بجوارنا ولا حريقاً كما توقعت

رجاء: ياصغيرتي مؤكد أنكم مصدومتان .. هل أنتما بخير .. شهد هل أنت بخير

شهد: أنا بخير لكني أعجز عن التفكير فيمن قد يصنع بالعم صالح هكذا

رجاء: وهل عرفوا من القاتل؟

فرح: جل ما عرفناه من أحمد أنه قتل ومات .. ولم يضف أي معلومه

رجاء: يبدو حتى أن المدارس لم تعد مكاناً آمناً .. هل تريدان أن أعد لكما شيئاً

شهد: أنا أرغب في كوباً من الشاي يهدأ أعصابي

فرح: أنا أيضاً لو سمحت خالتي .. فأنا أشعر أن روحي ستقفز من فمي من التوتر

رجاء: إذا متى سيبدأ الدوام المدرسي

شهد: لانعلم .. ومن سيطيق أن يذهب إلى المدرسة وهو يمر بغرفة العم صالح ولا يراه فيها

فرح : فعلاً أنت محقة

أنهت الفتيات الشاي وصعدتا إلى غرفة شهد التي دخلت وألقت كتبها بجانب الباب ورمت نفسها على ظهرها بتثاقل ومدت يداها للخلف" لا أستطيع أن أكف عن التفكير به أراه في كل مكان أنظر إليه .. حتى الآن أراه في سقف الغرفة "

فرح: فعلا أنا كذلك من الطبيعي أن يحصل لنا ذلك فلقد أحبنا وأحببناه كثيراً

شهد: كان بمثابة جداً لنا

فرح : بالحديث عن سقف غرفتك أرى أنها لم تتغير كأنها غرفة طفلة

تقدمت فرح نحو مكتب شهد الذي رتب بصورة جميلة ووضع عليه صورة لأم شهد وعلى زاويتها شريط أسود

فرح : إن أمك جميلة فعلاً .. إنك تشبهينها كثيراً.. لكنك أجمل

شهد: تعلمين لولا هذه الصورة لكانت صورتها في بالي مشوشة .. فهي تذكرني بملامحها جيداً

فرح: حقاً إنها صورة جميلة .. من صورها

شهد: والدي في بداية زواجهما

فرح: لماذا لا يوجد صورة لوالدك ؟

شهد: لا أعلم أنا مثلك تماماً.. فكل مايتعلق بأبي يبقونه سراً عني

فرح: لماذا ؟ أتعتقدين أنه أيضاً توفي؟

شهد: لاتقولي ذلك أتمنى أن يكون شيئاً آخر ..أتعلمين لا أزال أذكر حين خرجت أنا وأمي في آخر يوم لي معها .. كنا خارجتان لمقابلة أبي .. لكن اعترض طريقنا رجل حاول أن يأخذني من أمي .. ثم .. ثم أطلق النار عليها وحرمني من أمي .. ومن رؤية والدي

فرح : سحقاً له

شهد : اليوم .. وقفة ألم لي .. فقد هيج أحزاني مقتل العم صالح .. لقد أصبح الآن عندي شخصان .. أحببتهما وقتلا

فرح: أرى أنك لازلت تكتبين مذكراتك

شهد : أجل يومياً وقبل أن أنام أتركه مفتوحاً لكي تأتي أمي وتقرأه

فرح : جميل .. فعلاً جميل

دخلت فجأة الخالة رجاء إلى الغرفة " لقد جاء اتصالا من المدرسة "

شهد: حقاً! هل عرفوا القاتل؟

رجاء: كلا .. لكن كانوا يبلغون الأهالي أن غداً سيكون دواماً كالمعتاد

فرح : وماذا عن غرفة العم صالح هل سيتركونها هكذا

رجاء: لقد أخبروني أنه تم رفع كل الأدلة والليلة سيأتي حارس جديد ليحل محل المرحوم العم صالح

شهد: ماذا حارس جديد!!

فرح : بهذه السرعة!!

يتبع,,

" ضميني إلى قبرك "

سادت لحظات من الصمت بعد سماع خبر الحارس الجديد قطعها صوت خالد " رجاء .. رجاء "

رجاء: هنا في غرفة شهد

دخل خالد من الباب وعلى وجهه علامات القلق" هل كل شيء بخير ؟ "

رجاء: أجل .. لقد تأخرت اليوم في العودة

خالد: نعم لقد كان هناك الكثير من نقط التفتيش أظن أنهم يبحثون عن مشتبه به

رجاء: بالفعل .. كذلك

خالد: حقاُ .. وكيف تعلمين ؟ ولما الفتيات لسن في المدرسة

رجاء: لهذا السبب لسن في المدرسة .. التفتيش بسبب مقتل حارس المدرسة الثانوية

خالد: تقصدين صالح العجوز ؟

رجاء: نعم

خالد: من له مصلحه في قتله فهو رجل عجوز ومحبوب من الجميع .. لاحول الله .. وكيف حصل ذلك ؟

رجاء: لا أعلم اسأل الفتيات فهن كن هناك

شهد: حين وصلنا للمدرسة كانت الطالبات يجتمعن في الخارج إذ كان الباب مغفلاً

فرح: فطلبت شهد من أحمد أن ينزل ليرى ما يحدث .. ليعود ويخبرنا أن هناك جريمة قتل وأن العم صالح هو الضحية

شهد : هذا كل مانعرف

خالد: وهل أنتما بخير

شهد: نعم فقد غادرنا ماإن علمنا أنه ليس هناك دوام

خالد: وماذا عن الغد والأيام المقبلة .. أظن أن الذهاب إلى المدرسة سيصبح خطيراً

رجاء: لقد اتصلت إدارة المدرسة وأعلموني أن غداً سيكون دواماً عادياً وقد عينوا حارساً جديداً

خالد: بهذه السرعة !

رجاء: أظن أن ذلك من صالح المدرسة أن يكون هناك حارساً بالغد .. والآن لنترك الفتيات لوحدهن .. هل تريدان شيئأقبل أن نغادر .. بالمناسبة فرح ستتغذين معنا

فرح: كلا .. لا داعي بالإضافة ان أحمد سيمر بعد الدوام في الساعة الثانية

رجاء: إذاً .. أحمد مدعو أيضاً

***

جلس الجميع حول مائدة الطعام في صمت لم يكن يسمع سوى صوت اصطدام الملاعق في الصحون .. بينما كانت فرح وشهد تحدقان في الطعام بسأم .. ولم يكن هناك أي حذيث سوى مع النفس

شهد : يا إلهي .. إني أرى العم صالح حتى في طبق الطعام .. كيف سآكل .. لا أستطيع .. وخالتني قد أعدت طبقي المفضل .. الكوسا المحشي

فرح: ياللإحراج .. لا أستطيع الأكل .. أشعر إني لو تناولت ملعقة واحدة سأتقيأ على الطاولة .. سوف أتناول رشفة وأخبر رجاء كم الطعام لذيذ

وفجأة قاطع ذلك الصمت صوت خالد " عزيزتي رجاء فعلاً أنت أفضل من يحضر الكوسا المحشي كم هو شهي " وأخذ يواصل الأكل

رجاء: شكراً ياعزيزي

تناولت فرح رشفة بالكاد ابتلعتها " فعلاً إنه شهي ياخالة "

رجاء : لكنك لم تأكلي !

فرح : بلى كما أن الرائحة تخبرني بذلك

شهد: أنا متأسفة ياخالتي فعلاً لا أستطيع الأكل فكل ما أفكر في العم صالح أشعر بالحزن ولا أقدر أن آكل

فرح : لقد أرحتني .. أنا كذلك .. أقسم ياخالة رجاء أن طعامك شهي وقد تناولته مرات عدة لكن اليوم لا أقدر .. لاأقدر متأسفة

رجاء: مابالكما .. لا بأس فأنا أقدر ذلك .. وعموماً الطعام موجود ستشعران بالجوع لاحقاً

رن هاتف فرح معلناً وصول أحمد " أهلا أحمد .. كلا .. خالتي تدعوك للغذاء معنا .. سأفتح لك الباب"

خالد: لا بأس ياصغيريتي أنا سأفتح

دخل أحمد بادية على وجهه علامات حر الجو وشدة الشمس " السلام عليكم.. مالأخبار "

رجاء: كل شيء بخير .. تفضل بالجلوس

أحمد : لقد كانت نقاط التفتيش في كل مكان .. وفي هذا الجو الحار.. مؤكد يبحثون عن قاتل العم صالح

شهد: أتمنى أن يجدوه سريعاً

أحمد : هل من أخبار جديدة .. وماذا عن الغد ؟

رجاء: سيكون يوماً دراسياً عادياً

أحمد: هذا سريع .. من المفترض أن يعطوا الفتيات يومين أو ثلاثة ليتأكدوا من أمان الوضع في المدرسة

فرح : بل أسبوع أو شهر

شهد: هذا ماتتمنين أن تحظي بإجازة بأي صورة

خالد: هذا من صالح الفتيات حتى لا يتأخرن دراسياً في آخر السنة .. ثم لقد عينوا حارساً جديداً سيكون الوضع مطمئناً

أحمد: بهذه السرعة!!

رجاء: تناول طعامك ولا تهتم

أحمد: تبدو رائحته شهيه

شهد : أنا أستأذن سأذهب لأغفو .. فرح سأكلمك ليلاً

***

فتحت شهد عيناها بتثاقل على طرق خفيف متقطع على باب غرفتها في نفس الوقت رن جوالها " أهلاً فرح "

فرح : ماهذا الصوت أما زلت نائمة كل هذا غفوة .. إنها التاسعة

وجاءء صوت رجاء من الخارج " شهد ألن تستيقظي لقد صار العشاء جاهزاً "

شهد: في الحال يا خالة .. حسناً فرح .. سأكلمك لا حقاً هذه خالتي تريدني أن أنزل لأتناول العشاء .. أشعر بجوع شديد وصداع آمل أن أتمكن من الأكل .. سأكلمك لاحقاً

فرح : حسناً

نزلت شهد وجلست على الطاولة وكان وجهها يبث عن ملامح النوم العميق " خالتي أنا جائعة جداً وأشعر بصداع "

رجاء: هذا لأنك لم تتناولي الغذاء.. بعد أن تتعشي ستعرين بتحسن كبير

شهد : آمل ذلك

تناولت شهد العشاء وأخذت تحدق في الغرفة حولها وكأنها تبحث عن شيء " فعلا لقد ذهب "

رجاء: ماهو ؟

شهد: الصداع .. لقد اختفى .. لقد كنت محقة .. والآن ياخالة أنا سأصعد لأكلم فرح

رجاء: حسناً

***

صعدت شهد إلى غرفتها بهدوء واستقرار وتوتر في داخلها كانت مشاعر متضاربة تعصف بها .. كانت كل خطوة تترك بصمتها على الدرج حتى وصلت إلى باب .. ذهبت مباشرة إلى مكتبها .. كانت وكأنها على موعد مع أحدهم .. بل كانت على موعد مع أحدهم بالفعل .. كانت على موعد مع أمها .. وضعت يدها على دفتر مذكراتها ذو الغلاف الأزرق وفتحته على آخر صفحة .. نظرت إليها ثم فتحت الصفحة التي بعدها .. أخذت القلم بجانب الدفتر وكأن القلم انجذب ليدها ويراح يعبر عما بداخلها من حزن ..

أمي .. كما هذه الصفحة منذ ثواني كانت خالية كذلك أيام حياتنا .. تبدأ في بداية اليوم خالية .. ثم تأتي الدنيا وتكتب أحداث اليوم فيها .. إما تخطها بلون أسود معتم وحزين .. وإما تخطها بأحلى الألوان .. إما بخط قبيح مبهم .. وإما بخط جميل واضح .. أنا اليوم يا أمي جمعت لي الدنيا الأمرين .. الأسود والمبهم .. فقد هيجت كل أحزاني .. لقد أعادت لي آلام الماضي التي لا تفارقني .. لكنها كانت في حالة سكون .. لقد قتل اليوم شخص طالما أحببته .. العم صالح .. لقد حدثتك عنه في بعض الصفحات أتذكرين ؟ .. لقد قتل اليوم .. وأخذتني روحه إلى يوم فرقانا .. فصار الجرح جرحين .. أمي أتمنى لو كنت قرب .. أعلم أنك قرب .. لكن فقط .. فقط أشتاق حضني .. فضميني .. ولو إلى قبرك !!
__________________

" الحارس الجديد "

كان جوال شهد في الصباح يملأ الأجواء ضجيجاً مرة المنبه ومرةً أخرى اتصال من فرح .. أسكتت شهد المنبه وأدارت رأسها للجهة الأخرى مستمرة في النوم .. بعد ربع ساعة فتحت شهد عينيها بعد أن أحست بيد تبعد شعرها الكستنائي المنسدل على وجهها برفق .. ونظرت إذا بها خالتها توقظها من النوم " خالتي .. كم الساعة ؟ " تحدثت شهد بصوت نعس

رجاء: إنها السادسة والربع .. لقد اتصلت بي فرح لأوقظك وهي الآن تنتظرك في الأسفل .. ألا تريدين الذهاب اليوم ؟ هل أنت بخير؟

نهضت شهد بسرعة وهي مذعورة " ماذا!! السادسة والربع .. يا إلهي سأتأخر .. خالتي أعدي لي القهوة "

رجاء: إنها جاهزة

دخلت شهد بسرعة إلى الحمام وخرجت وغيرت ملابسها بسرعة .. ثم ربطت شعرها للخلف بسرعة وأخذت حقيبتها من جانب باب غرفتها من اليوم السابق ونزلت الدرج

فرح : أخيراً .. هيا لنسرع سنتأخر

شهد: خالتي أين القهوه

رجاء: هذه هي .. انتبهي إنها حارة

تناولت شهد القهوه وخرجت مسرعة" أراك لاحقاً خالتي " ولم تنتظر الرد وخرجت سريعاً كعادتها .. توفت شهد للحظات قبل أن تركب السيارة .. أخرج أحمد رأسه من نافذة السيارة " ماذا ألن تصعدي ؟"

شهد : فقط أريد أن أتأكد أن الباب ليس مقفلا

أحمد: لاتقلقي .. سأتركه مفتوحا من اليوم

ما إن صعدت شهد إلى السيارة حتى أمطرتها فرح بوابلٍ من المعاتبة " أين اتصالك لي البارحة ؟؟ .. وأنا كنت أنتظر أقول الأن ستتصل الآن ستتصل وفي الأخير لاشيء نمت وعيناي معلقتان في شاشة الجوال "

شهد: أقسم أني نسيت لقد تناولت العشاء وعدت من جديد للنوم حتى لو لم توقظني خالتي لما استيقظت

أحمد : الآن صيف فكيف تذهب الدببة للسبات

ضربت شهد مسند رأس كرسي أحمد " مضحك جداً "

أحمد: شكراً أعلم أنه مضحك والآن وصلنا .. هيا تفضلوا

فرح: حسناً نراك بعد الدوام

مشت شهد وفرح بسرعة عندما اقتربتا من غرفة العم صالح

شهد : انظري إنها مفتوحة

فرح: مؤكد الحارس الجديد بداخلها

شهد: مؤكد لن أنظر .. لن أقوى على ذلك .. إذا نظرت سيوترني ذلك ويحزنني لبقية اليوم

فرح: أنا أيضاً

مرت الفتاتان بالحارس الجديد دون أن ينظرن حتى إلى وجهه .. عندما دخلت شهد وفرح إلى المدرسة كان الطابور في بدايته

شهد : هيا أسرعي

فرح: لقد تأخرنا بسببك فلا تخبريني أن أسرع الآن وأنا لا يهمني تفاهات طابور الصباح وإذاعته

جرت شهد فرح من يدها " فقط أسرعي "

فرح : أنظري من تقف قبل الأخير في طابورصفنا!!

شهد: إنها رؤى !! ماذا تفعل في الخلف وهي من تقف في المقدمة دائماً

فرح: مؤكد هي عازمة على مشاكل معنا هي تعلم أننا نقف في الخلف دائماً

شهد: لست في مزاج لها اليوم بالذات سأتحاشها وأنت أيضاً

فرح: سأحاول

وقفت فرح وشهد في الطابور وما إن أحست رؤى بقدومهما ألتفتت وهمست في أذن الطالبة التي خلفها وأخذتا ينظران إلى شهد ويضحكان بخبث ..

فرح: أنظري لهما ينظران جهتنا وتضحكان

شهد: إن صح التعبير جهتي لكن تجاهليهما .. مجرد معقدتان

سار الطالبات إلى الصف ورؤى ترمق شهد بنظرات و تهمس في أذن الطالبة بجانبها وتشير إلى شهد وتضحك

فرح: إلى هنا وكفى سأتوجه لها

شهد: لاتهتمي لها فقط احتراماً للعم صالح فقد توفي بالأمس فقط

فرح: حسناً.. حسناً للعم صالح فقط

جلست الطالبات في أماكنهن بانتظار قدوم المعلمة.. وفجأة وقفت رؤى تتحدث بصوت مرتفع " أيتها الفتيات هل رأيتن الحارس الجديد .. هل لاحظتم وسامته .. ولشدة وسامته هو يشبه شهد إلى درجة كبيرة.. ربما كان الحارس قريباً لشهد وهي تخجل أن تخبرنا أن قريباً لها يعمل كحارس.. أهو ابن عمك؟ ..أو ربما كانت شهد تحمل جينات ذكورية أكثر مما هي أنثى .. ألست كذلك شهد.. "

توجهت شهد بسرعة باتجاه رؤى ولم تتوقف إلا حين التصق وجهها بوجه رؤى" يكفي تصمتين الآن أو أغلق فمك بنفسي " .. فجأة سحبت شهد إلى الخلف بقوة .. كانت فرح شدتها بقوة ووقفت وجهاً لوجه مع رؤى " اسمعي ياصغيريتي إذا أردت العبث مع شهد فأنت تعبثين معي .. وأظنك تعرفين كم مرة وضعت فمك في التراب على مدى السنين "

رؤى: وتظنين أنك أخفتني بكلامك الآن

فرح: حاولي ألا تختبري صبري

رؤى: وماذا إذا حاولت يا متخلفة

فرح: قبل أن تصفيني بالمتخلفة .. أزيلي النمل الذي يمشي على نظارتك يا أربع عيون

رؤى: ماذا أي نمل!!

وما إن خلعت رؤى نظارتها لترى النمل وجهت إليها فرح لكمة سريعة بأقصى قوتها في عينها

فرح: والآن مارأيك من هي المتخلفة لقد صار عندك الآن خمس عيون آمل أن تذكريني على السنين القادمة ولا أحتاج لتذكريك بنفسي

ألتفتت فرح إلى شهد وهي تضحك بافتخار" مارأيك لقد علمني أحمد أخي هذه الحركة " .. صرخت رؤى بتوتر وهي تضع يدها على عينها" متوحشة سأريكي الآن" شدت رؤى شعر فرح بينما كانت تحدث شهد فثارت عليها شهد " إنها لي الآن اتركيها لي " وقفزت شهد على رؤى تشدها من شعرها .. في حين دخلت المعلمة في تلك اللحظات والصراخ يملأ أنحاء الفصل

المعلمة : اللعنة رؤى وشهد وفرح مجدداً .. توقفن في الحال .. قلت توقفوا .. توقفوا .. ألا تسمعوني

توجهت المعلمة نحوهم ولم تقيم المعلمة شهد عن رؤى إلا ونصف شعر رؤى في يدي شهد

شهد: اتركيني .. اتركيني .. انظري هل تعلمين كيف سأصمتك سأجعلك تأكلين شعرك الذي في يداي

رؤى : حمقاء .. حمقاء .. حمقاء

المعلمة: كفى الآن لقد ضقت ذرعاً بكن .. ليس إلى المصلحة الإجتماعية بل إلى المديرة مباشرة لتتخذ معكما الإجراء اللازم

يتبع,,,

يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
اي دا كله يا سارة
بس والله تسلم ايدك مجهود رائــــع
وانا كمان هتابع احداث القصة الجميلة دى
انا قرأت الجزء الأول
بس طلعت جميلة

مشكور يا سمسم على المرور
ونورت الموضوع

مشكوررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
تسلمى راااااااااااااااااااااااااااااائع

ميرسي على مرورك المشــرف

مشكورة أختي على هذا الابداع
.... " قطرات من الدم على جبيني " 26462

» الدم الدم الدم لعبة للكبار فقط قبل الدخول جمدوا قلوبكم أنا حذرت
» أخيرا النغمة الأكثر روعة للمسلسل السوري الشهير""..الجوارح.."""
» موسيقى " يا غالي " الشهيرة لفرقة " جيتارا " : عمل فني أحدث أثرا فنيا طيبا !
» أحمد حسن فى طريقه للقب "العميد" .. دخل قائمة "العظماء العشرة" بعد التعديل
» برنامج "المبدعون" للشيخ"طارق السويدان"الحلقات كاملة